recent posts

banner image

إن أحببت فأنت المتهم، وإن كرهت فأنت كذل



كم نوعًا من المشاعر يمكن للمرء أن يعيشها مع ذات الشخص يا ترى؟
فكيف يمكن لذات الشخص الذي كان ينظر في عينيها بحب أن يتحول إلى مصدرٍ للمشاكل؟ باتت اليوم كل كلمةٍ منها  تنتهي بجدال، وكل نقاشٍ يتحول ربما إلى مشكلة.

لطالما انتقدت سراب أمها بسبب تلك العبارات المألوفة التي كانت ترددها:
"لم أكن لآكل قبل أن تشبعوا، ولم أكن لأشرب قبل أن ترتووا، كل حياتي سخّرتها لأجلكم."
ولم يكن من سراب إلا أن تجيبها دومًا:
"أمي، لقد فعلتِ هذا برغبتكِ، ولم يجبركِ أحدٌ عليه."

غير أنها لم تتوقع يومًا أنها ستشعر بذات الإحساس الذي كانت أمها تشتكي منه، وكأنها وقعت في الخطأ ذاته الذي  كانت تعتقد أنها محصنة تجاهه. غير أن الأمور في الواقع لم تكن لتجري كما كانت تتوقع، فالعلاقة التي كانت مثاليةً في البداية تحولت مع مرور الوقت إلى مصدرٍ للإحباط. أصبحت تمامًا مثل والدتها: تقدم الكثير دون مقابل، وتشعر بالظلم، وتعيش علاقةً مليئةً بالتضحيات من طرفٍ واحد والجحود من الطرف الآخر.

كانت أفكارها تلك تسيطر عليها لدرجة أنها لم تعد قادرةً على التركيز في حياتها اليومية، وباتت تردد في داخلها:
"يا لها من غريبةٍ هذه الحياة! تحبُّ، فتتحول مشاعرك إلى اتهام، تهتمُّ، فيصبح اهتمامك هو المشكلة أيضا ، تفكر في احتياجاته، فيتغير كل شيء، وإن أهملتَ، فإنك محاسبٌ على إهمالك! كيف يمكن أن تتحول الرعاية والحب إلى مشكلة؟ أنا أعطي كل شيءٍ حتى قبل أن يُطلب، ومع ذلك لا أجد إلا الإنكار!"

وبينما كانت سراب غارقةً في أفكارها، أيقظها صوت زميلتها في العمل. نهضت لتحضير فنجان القهوة، لكنها كانت تبدو شاردةً بما يكفي كي تلاحظ زميلتها آسيا الأمر، فاقترحت عليها أن تشربا القهوة معًا في التراس.

في طريق عودتها إلى المنزل، بدأت تفكر في كلمات آسيا، إذ كانت تتحدث عن التوازن. قالت لها:
"علينا أن نعيش الحياة بتوازن، أن نحبَّ بتوازن، أن نقدّر الآخرين بتوازن."
بدت كلماتها صائبة، لكن سراب تساءلت: كيف يمكن تحقيق هذا التوازن الذي تتحدث عنه آسيا؟

لقد شعرت بالإرهاق من تكرار نفس التجارب مرارًا وتكرارًا. ففي كل مرة، كانت تبذل قُصارى جهدها لتنال المزيد من الحب، لكنها كانت تصل إلى نفس النتائج المحبطة. فكرت في نفسها:
"أنا أُقدّر كثيرًا، وأبذل فوق طاقتي، ومع ذلك لا ألقى إلا الإنكار! ربما السرُّ هو في عدم الإفراط في التقدير!"
لكن في داخلها، كانت تعلم أن الأمر ليس بهذه البساطة.

تصبح الحياة معقدةً كثيرًا عندما نفقد توازننا. الجميع يتحدث عن التوازن وأهميته، لكن في الواقع، كم من الأشخاص يستطيع تحقيقه فعلًا؟ كانت تفكر بصوتٍ مرتفع:
"ربما لو استطعتُ فهم التوازن وتطبيقه في حياتي، ستحلُّ كلُّ العُقد!"

في اليوم التالي، شعرت بتحسنٍ طفيف، لكن فكرة تحقيق التوازن ظلت تدور في رأسها. رنَّ هاتفها، كان المدير يطلب منها قائمةً طويلةً من المهام التي ستشغل يومها بالكامل. فكرت مرةً أخرى: "سيمر اليوم دون أن أتمكن من التفكير في حياتي!" لكنها أدركت أن جزءًا من مسؤولياتها هو تخصيص وقتٍ كافٍ لذاتها ولتحديد أولويات حياتها.

وفي خضم كل هذه الأفكار، شعرت أن صراعًا داخليًا يدور في داخلها. فجزءٌ منها يقول: "عليكِ العمل لتلبية مسؤولياتك!" ومن جهةٍ أخرى، كانت تتساءل: "كيف يمكنني التركيز على عملي بينما ذهني مشغولٌ بعلاقاتي؟" أدركت حينها أن أعظم مسؤوليةٍ لديها هي توجيه حياتها بالطريقة الصحيحة.

في تلك الأثناء، اتصلت بها آسيا قائلةً بحماسة:
"سراب، خمني ماذا! هناك دورةٌ تدريبيةٌ ستبدأ الأسبوع المقبل، أعتقد أنها ستجيب على كل تساؤلاتكِ! هل ترغبين في الانضمام؟"

كانت سراب على وشك الاعتذار بسبب ضيق وقتها، لكنها توقفت للحظةٍ، ثم قالت:
"نعم، أود الحضور! كيف يمكنني التسجيل؟"

يسعى كل إنسان في هذه الحياة لأن يكون سعيدا وناجحا 
علم تصميم الخبرات هو علم الحقيقة الذي اتخذ من أهداف الإنسان غاية له. يوجه الإنسان ليكون قادرا من خلال وعيه المفتوح على  اتخاذ قرار صحيح وخيارات سليمة. ويزوده باستراتيجيات حل حقيقية لمشكلاته
وكل ذلك من خلال ندواته التي تبدأ "بفن معرفة الإنسان" ،" المهارة في العلاقات" ،" سيكولوجيا النجاح" والبرامج الأخرى المستمرة .
ليتمكن الإنسان من تحقيق سعادته معتمدا على ذاته .
منذ وجد الإنسان على وجه البسيطة وعدوه وصديقه لم يتغيران
إنهما  فقط ذلك الذي يراه في المرآة
فليكتشف الإنسان ما يمكن أن يفعله بنفسه .
يحيى هامورجو

إن أحببت فأنت المتهم، وإن كرهت فأنت كذل إن أحببت فأنت المتهم، وإن كرهت فأنت كذل Reviewed by Deneyimsel Tasarım Öğretisi on Şubat 17, 2025 Rating: 5

1 yorum:

Blogger tarafından desteklenmektedir.